(رضى)
فِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطك، وبمُعافاتِك مِنْ عُقوبتِك، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصي ثَناءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» وَفِي رِوَايَةٍ بَدَأَ بِالْمُعَافَاةِ ثُمَّ بِالرِّضَا، إِنَّمَا ابْتَدَأَ بِالْمُعَافَاةِ مِنَ الْعُقُوبَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ كَالْإِمَاتَةِ وَالْإِحْيَاءِ.
والرِّضَا والسَّخَطُ مِنْ صفاتِ الذَّاتِ. وصفاتُ الْأَفْعَالِ أدنَى رُتْبة مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، فبَدأ بالأدْنى مُتَرقِّيا إِلَى الْأَعْلَى. ثُمَّ لمَّا ازْداد يقِينا وارتِقاء تَرَك الصِفات وقَصر نَظره عَلَى الذَّاتِ فَقَالَ: أَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، ثُمَّ لَمَّا ازْداد قُربا استَحْيا مَعَهُ مِنَ الاسْتعاذة عَلَى بِساط القُرب، فالتَجأ إِلَى الثَّناء فَقَالَ:
لَا أُحصي ثَناءً عَلَيْكَ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ قُصُورٌ فَقَالَ: أَنْتَ كَمَا أثْنَيْت عَلَى نفسِك، وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الأُولى فَإِنَّمَا قَدّم الِاسْتِعَاذَةَ بِالرِّضَا عَلَى السَّخَط؛ لِأَنَّ الْمُعَافَاةَ مِنَ الْعُقُوبَةِ تَحْصل بِحُصُولِ الرِّضَا، وَإِنَّمَا ذَكَرها لِأَنَّ دَلالة الأُولى عَلَيْهَا دَلالة تَضمين، فَأَرَادَ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهَا دَلالة مُطابقة، فكَنى عَنْهَا أَوَّلًا، ثُمَّ صرَّح بِهَا ثَانِيًا، وَلِأَنَّ الرَّاضِي قَدْ يُعاقِب للمصْلحة، أَوْ لاسْتيفاء حَقِّ الْغَيْرِ.
بَابُ الرَّاءِ مَعَ الطَّاءِ
(رَطَأَ)
فِي حَدِيثِ رَبِيعَةَ «أدْرَكْتُ أَبْنَاءَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَّهِنُونَ بِالرِّطَاءِ» وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: الرِّطَاءُ التَّدَهُّنُ الْكَثِيرُ، أَوْ قَالَ الدُّهْن الْكَثِيرُ. وَقِيلَ الرِّطَاءُ هُوَ الدّهْن بِالْمَاءِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: رَطَأْتُ الْقَوْمَ إِذَا ركِبْتَهم بِمَا لَا يُحُّبون؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يَعلوه الدّهْن.
(رَطَبَ)
(س) فِيهِ «إِنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا كَلٌّ عَلَى آبائِنا وأبنائِنا فَمَا يَحلُّ لَنَا مِنْ أموالِهم؟ قَالَ: الرَّطْب تأكُلْنه وتُهْدِينَه» أَرَادَ مَا لَا يُدَّخَرُ وَلَا يَبْقَى كَالْفَوَاكِهِ والبُقول والأطْبِخة، وَإِنَّمَا خَصَّ الرَّطْبَ لِأَنَّ خَطْبَه أيْسَر وَالْفَسَادَ إِلَيْهِ أَسْرَعُ، فَإِذَا تُرِك وَلَمْ يُؤْكَل هَلَك ورُمِيَ، بِخِلَافِ الْيَابِسِ إِذَا رُفِعَ وادُّخِرَ، فوقَعت المُسامَحة فِي ذَلِكَ بِتَرْكِ الاستِئذان، وَأَنْ يجْري عَلَى الْعَادَةِ المسْتَحْسَنة فِيهِ، وَهَذَا فِيمَا بَيْنَ الْآبَاءِ والأمَّهات وَالْأَبْنَاءِ، دُونَ الْأَزْوَاجِ والزَّوجات، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ.
(س) وَفِيهِ «مَن أَرَادَ أنْ يَقْرأ الْقُرْآنَ رَطْباً» أَيْ لَيِّناً لَا شِدّة فِي صَوْت قارِئِه.
(رَطَلَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ «لَوْ كُشِف الغِطاء لَشُغِل مُحْسِن بإحسانه ومُسِيءٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute