للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْ يَمْنَع مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَضيءَ مِنْهَا أَوْ يَقْتَبس.

وَقِيلَ: أَرَادَ بِالنَّارِ الحِجارة الَّتِي تُورِي النارَ: أَيْ لَا يُمنَع أحدٌ أَنْ يأخذَ مِنْهَا.

وَفِي حَدِيثِ الْإِزَارِ «وَمَا كَانَ أسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ فِي النَّارِ» مَعْنَاهُ أنَّ مَا دُونَ الكَعْبين مِنْ قَدَمِ صَاحِبِ الإزارِ المُسْبَل فِي النارِ، عُقوبةً لَهُ عَلَى فِعْلِهِ.

وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ صَنيعه ذَلِكَ وفعلَه فِي النَّارِ: أَيْ إِنَّهُ معدودٌ مَحْسوب مِنْ أَفْعَالِ أَهْلِ النَّارِ.

وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لِعَشرة أنفُس فِيهِمْ سَمُرة: آخِركم يَمُوتُ فِي النَّارِ» فَكَانَ سَمُرة آخَر العشرةِ مَوْتًا. قِيلَ: إِنَّ سَمُرة أَصَابَهُ كُزَازٌ شَدِيدٌ، فَكَانَ لَا يكادُ يَدْفأ، فَأَمَرَ بقِدْرِ عَظِيمَةٍ فَمُلِئَتْ مَاءً، وأوقَدَ تَحْتَها، واتَّخذ فوقَها مَجْلِساً، وَكَانَ يَصْعَدُ إِلَيْهِ بُخارُها فُيدْفِئُه، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ خُسِفَت بِهِ فَحَصَلَ فِي النَّارِ، فَذَلِكَ الَّذِي قَالَ لَهُ. واللَّه أَعْلَمُ.

(س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَالنَّارُ جُبَارٌ» قِيلَ: هِيَ النَّارُ يُوقِدُها الرجُل فِي مِلْكه، فَتُطَيِّرها الريحُ إِلَى مَالِ غَيْرِهِ فَيَحْترِق وَلَا يَملُك رَدّها، فَتَكُونَ هَدَراً.

وَقِيلَ: الْحَدِيثُ غَلطَ فِيهِ عبدُ الرَّزَّاقِ، وَقَدْ تابَعَه عبدُ الْمَلِكِ الصَّنْعاني.

وَقِيلَ: هُوَ تَصْحِيفُ «البِئر» ، فإنَّ أَهْلَ الْيَمَنِ يُمِيلون النَّارَ فَتَنْكسِر النونُ، فَسَمِعَهُ بعضُهم عَلَى الْإِمَالَةِ فكتَبه بالياء فقرأوه مُصَحَّفاً بِالْبَاءِ.

والبئرُ هِيَ الَّتِي يَحْفرها الرجُل فِي مِلْكه أَوْ فِي مَواتٍ، فَيَقَعُ فِيهَا إنسانٌ فيَهْلِك، فَهُوَ هَدَرٌ.

قَالَ الْخَطَابِيُّ: لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ يَقُولُونَ: غَلِط فِيهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَتَّى وجَدْتُه لِأَبِي دَاوُدَ «١» مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى.

وَفِيهِ «فَإِنَّ تَحْتَ البَحْر نَارًا وَتَحْتَ النارِ بَحْرًا» هَذَا تفخيمٌ لِأَمْرِ الْبَحْرِ وَتَعْظِيمٌ لِشَأْنِهِ، وأنَّ الآفَةَ تُسْرِع إِلَى راكِبه فِي غَالِبِ الْأَمْرِ، كَمَا يُسْرِع الهلاكُ مِنَ النَّارِ لمَن لابَسها ودَنا مِنْهَا.

وَفِي حَدِيثِ سِجْنِ جَهَنَّمَ «فَتعلُوهم نارُ الْأَنْيَارِ» لَمْ أجدْه مَشْروحا، وَلَكِنَّ هَكَذَا يُرْوَى، فَإِنْ صحَّت الرِّوَايَةُ فيحتَمِل أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ نَارَ النِّيران، فَجَمَعَ النارَ على أَنْيَارٍ، وأصلُها: أَنْوَارٌ، لأنها


(١) انظر سنن أبي داود (باب في الدابة تنفح برجلها، من كتاب الديات) ٢/ ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>