للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَيْكَ فِي أوقاتِ الاحتِفال والتَّزَيُّن. والتَّوْدِيعُ: أَنْ تَجعل ثَوْبا وِقايَةَ ثوْبٍ آخَرَ، وَأَنْ تَجْعَله أَيْضًا فِي صُوَانٍ «١» يَصُونه.

(س) وَفِي حَدِيثِ الخَرْص «إِذَا خَرَصْتُم فَخُذوا ودَعُوا الثُّلُث، فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُث فَدَعُوا الرُّبُع» .

قَالَ الخطَّابي: ذَهَبَ بعضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهُ يُتْرَكُ لَهُمْ مِنْ عَرَضِ الْمَالِ، تُوْسِعةً عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ إِنْ أُخِذَ الحقُّ مِنْهُمْ مُسْتَوْفَىً أضرَّ بهِم، فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْهُ السَّاقِطةُ والهالِكةُ وَمَا يأكُله الطَّيرُ وَالنَّاسُ. وَكَانَ عُمَرُ يأمُر الخُرّاص «٢» بِذَلِكَ. وَقَالَ بعضُ العُلماء: لَا يُتْرك لَهُمْ شيءٌ شائِع فِي جُمْلةِ النَّخْل، بَلْ يُفْرَدُ لَهُمْ نَخَلاتٌ معدُودة قَدْ عُلِم مقدارُ ثَمَرِها بالخَرْص.

وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يَرْضَوْا بِخَرْصكم فدَعُوا لَهُمُ الثُّلُث أَوِ الرُّبُع، ليَتَصَرَّفوا فِيهِ ويَضْمَنوا حَقَّه، ويَتْركوا الباقِيَ إِلَى أَنْ يَجِفَّ ويؤخَذَ حقُّه، لَا أَنَّهُ يُترك لَهُمْ بِلَا عِوَض وَلَا إِخْرَاجٍ.

(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «دَع دَاعِىَ اللَّبَن» أَيِ اتْرك مِنْهُ فِي الضَّرْع شَيْئًا يَسْتَنْزِل اللَّبَنَ، وَلَا تَسْتَقِص حَلَبه.

(هـ) وَفِي حَدِيثِ طَهْفَةَ «لَكُمْ يَا بَنِي نَهْدٍ وَدَائِعُ الشِّرْكِ» أَيِ الْعُهُودِ والمَواثيق. يُقَالُ:

تَوَادَعَ الْفَرِيقَانِ، إِذَا أعْطَى كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا الآخَرَ عَهْداً أَلَّا يَغْزوَه. وَاسْمُ ذَلِكَ الْعَهْدِ:

الْوَدِيعُ «٣» . يُقَالُ: أعْطَيْتُه وَدِيعاً: أَيْ عَهْدا.

وَقِيلَ: يَحْتَمِل أَنْ يُريد بِهَا مَا كَانُوا اسْتُودِعُوه مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ: أَرَادَ إحلالَها لَهُمْ؛ لِأَنَّهَا مالُ كافِرٍ قُدِر عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عَهْد وَلَا شَرْط. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: «مَا لَمْ يَكُنْ عَهْدٌ وَلَا مَوْعِدٌ» .

(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ وَادَعَ بَنِي فُلَانٍ» أَيْ صالَحهم وسالمَهُم عَلَى تَرْك الحَرب والأذَى. وَحَقِيقَةُ الْمُوَادَعَةِ: المُتَاركة، أَيْ يدَعُ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَا هُوَ فِيهِ.

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وَكَانَ كعبٌ القُرَظِيّ مُوَادِعاً لِرَسُولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم» .


(١) الصوان، مثلَّث الصاد، كما في القاموس.
(٢) ضبط فى ابفتح الخاء المعجمة.
(٣) بعد ذلك في الهروي: «قال ذلك أبو محمد القتيبي» .

<<  <  ج: ص:  >  >>