وَمِنْهُ قَوْلُ الْحَجَّاجِ فِي خُطْبَته
قَدْ لفَّها اللَّيلُ بِسَوّاقٍ حُطَمْ
أَيْ عَسُوف عَنِيفٍ. والحُطَم مِنْ أبنيِة الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ الَّذِي يكْثر مِنْهُ الحَطْم. وَمِنْهُ سُمّيت النَّارُ الحُطَمَة: لِأَنَّهَا تَحْطِم كُلَّ شَيْءٍ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «رَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِم بَعْضُهَا بَعْضَهَا» .
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ سَوْدَة «أنَّها اسْتأذَنَت أَنْ تَدْفع مِن مِنًى قَبْلَ حَطْمَة النَّاسِ» أَيْ قَبْل أَنْ يزدحمُوا ويَحطِم بعضُهم بَعْضًا.
وَفِي حَدِيثِ تَوْبَةِ كعْب بْنِ مَالِكٍ «إذَنْ يَحْطِمكم الناسُ» أَيْ يَدُوسُونَكم ويَزْدحِمون عَلَيْكُمْ.
[هـ] وَمِنْهُ سُمي «حَطِيم مَكَّةَ» ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ. وَقِيلَ: هُوَ الحِجْر المُخْرج مِنْهَا، سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ الْبَيْتَ رُفع وتُرِك هُوَ مَحْطُوما: وَقِيلَ لأنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تطرَح فِيهِ مَا طَافَتْ بِهِ مِنَ الثِّيَابِ فَتَبْقى حتَّى تَنْحَطِم بِطُول الزَّمَانِ، فيكونُ فَعِيلًا بِمَعْنَى فاعل.
(هـ) وفي حديث عائشة «بَعْد ما حَطَمَه الناس» .
وفي رواية «بعد ما حَطَمْتُمُوه» يُقَالُ: حَطَم فُلاناً أهْلُه: إِذَا كَبِر فِيهِمْ، كأنَّهم بِمَا حَمَّلُوه مِنْ أَثْقَالِهِمْ صَيَّرُوه شَيْخًا مَحْطُومَا.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ هرِم بْنِ حِبَّان «أنَّه غَضب عَلَى رَجُلٍ فَجَعَلَ يَتَحَطَّم عَلَيْهِ غَيْظاً» أَيْ يتلظَّى ويَتَوقَّد، مَأْخُوذٌ مِنَ الحُطَمَة: النَّار.
(س) وَفِي حَدِيثِ جَعْفَرٍ «كُنَّا نَخْرج سَنة الحَطْمَة» هِيَ السَّنَةُ الشَّدِيدَةُ الجَدْب.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْفَتْحِ «قَالَ لِلعَبَّاس: احْبِسْ أَبَا سُفيان عِنْدَ حَطْم الْجَبَلِ» هَكَذَا جَاءَتْ فِي كِتَابِ أَبِي مُوسَى وَقَالَ: حَطْم الْجَبَلِ: الموْضع الَّذِي حُطِم مِنْهُ: أَيْ ثُلِمَ فَبَقِيَ مُنْقَطِعا.
قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ عِنْدَ مَضِيق الْجَبَلِ، حَيْثُ يَزْحم بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَرَوَاهُ أَبُو نَصْر الحُمَيْدي فِي كِتَابِهِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وفسَّرها في غريبه فقال: الخطم والخطمة: زعن الْجَبَلِ، وَهُوَ الْأَنْفُ النَّادِرُ مِنْهُ. وَالَّذِي جَاءَ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ، وَهُوَ أخْرَج الْحَدِيثَ فِيمَا قَرَأْنَاهُ وَرَأَيْنَاهُ مِنْ نُسَخ كِتَابِهِ