مِنْ رَاضِع لَبن» أَرَادَ بِالرَّاضِعِ ذَاتَ الدَّرِّ واللَّبن. وَفِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: ذَاتُ رَاضِعٍ.
فَأَمَّا مِنْ غَيْرِ حَذْفٍ فَالرَّاضِعُ الصَّغِير الَّذِي هُوَ بَعدُ يَرْضَع. ونَهيُه عَنْ أخْذِها لأنَّها خِيارُ المالِ، ومن زائدةٌ، كما تقول: لاتأكل مِنَ الحَرَام: أَيْ لَا تأكُل الحَرَام. وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَكُونَ عندَ الرَّجُل الشَّاة الْوَاحِدَةُ أوِ اللِّقْحة قَدِ اتَّخَذها للدَّرِّ، فَلَا يُؤْخَذ مِنْهَا شَيْءٌ.
(س) وَفِي حَدِيثِ ثَقيف «أسْلَمها الرُّضَّاعَ وتركُوا المِصَاع» الرُّضَّاعُ جمعُ رَاضِعٍ وَهُوَ اللَّئِيم، سُمِّي بِهِ لِأَنَّهُ للُؤْمه يَرْضَعُ إبِلَه أَوْ غَنمه [لَيْلًا] «١» لِئَلَّا يُسْمع صوتُ حَلبه. وَقِيلَ لِأَنَّهُ لَا يَرْضَعُ الناسَ: أَيْ يَسْأَلُهُمْ. وَفِي المَثل: لَئِيم رَاضِعٌ. والمِصَاعُ: المُضَاربةُ بالسَّيف.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ سَلَمَةَ
خُذْها وَأَنَا ابنُ الأكْوَعِ ... واليومُ يومُ الرُّضَّعِ
جَمْعُ رَاضِعٍ كشَاهِد وشُهَّد: أَيْ خُذ الرَّمْية مِنِّي واليومُ يومُ هَلاَك اللِّئَامِ.
وَمِنْهُ رَجَز يُروى لِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ:
مَا بِيَ مِنْ لُؤْمٍ وَلَا رَضَاعه وَالْفِعْلُ مِنْهُ رَضُعَ بِالضَّمِّ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي مَيْسَرة «لَوْ رأيتُ رَجُلًا يَرْضَعُ فسَخِرْتُ مِنْهُ خَشِيتُ أَنْ أكونَ مِثْلَهُ» أَيْ يَرْضَعُ الْغَنَمَ مِنْ ضُروعِها، وَلَا يَحْلُب اللَّبن فِي الإناءِ للُؤْمه، أَيْ لَوْ عَيَّرتُه بِهَذَا لَخَشِيتُ أَنْ أُبْتَلَى بِهِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْإِمَارَةِ «قَالَ نِعْمَتِ الْمُرْضِعَةُ وبِئْستِ الفاطِمة» ضَرب الْمُرْضِعَة مَثَلًا لِلْإِمَارَةِ وَمَا تُوَصِّله إِلَى صَاحِبِهَا مِنَ المَنافع، وضَرَب الفاطمةَ مَثَلًا لِلْمَوْتِ الَّذِي يَهْدِم عَلَيْهِ لَذَّاته ويقطَع مَنَافِعَهَا دُونَهُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ قُسّ «رَضِيعُ أيْهُقان» رَضِيع: فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، يَعْنِي أَنَّ النَّعام فِي هَذَا الْمَكَانِ تَرْتَع هَذَا النَّبْتَ وَتَمُصُّهُ بِمَنْزِلَةِ اللَّبَنِ لِشِدَّةِ نُعُومَتِهِ وكثرة مائه. ويروى بالصاد. وقد تقدم.
(١) زيادة من ا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute