وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ قَالَ لأهلِ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ: يَا أهلَ البلَد صلُّوا أَرْبَعًا فإنَّا سَفْرٌ» ويُجْمَعُ السَّفْرُ عَلَى أَسْفَارٍ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ، وَذِكْرُ قَوْم لُوط قَالَ «وتُتُبِّعت أَسْفَارُهُمْ بالحجَارَة» أَيِ القَوم الَّذِينَ سَافَرُوا مِنْهُمْ.
(س) وَفِيهِ «أَسْفِرُوا بالفَجْر فَإِنَّهُ أعْظَم للأجْر» أَسْفَرَ الصبح إذ انكَشَف وأضاءَ.
قَالُوا: يَحتَمل أَنَّهُمْ حِينَ أَمَرَهُمْ بتَغْلِيس صلاةِ الفجْر فِي أَوَّلِ وقتِها كَانُوا يُصَلُّونها عِنْدَ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ حِرصاً وَرَغْبَةً، فَقَالَ أَسْفِرُوا بِهَا: أَيْ أخّرُوها إِلَى أَنْ يَطلُع الفجْر الثَّاني وتتحقَّقُوه، ويُقَوّى ذَلِكَ أنَّه قَالَ لِبِلَالٍ: نّوِّر بِالْفَجْرِ قدْرَ مَا يُبْصِر القومُ مواقعَ نَبْلهم.
وَقِيلَ إنِّ الأمرَ بالإسْفار خاصٌّ فِي اللَّيالي المُقمرة؛ لِأَنَّ أَوَّلَ الصبُّح لَا يَتَبين فِيهَا، فأُمِرُوا بِالْإِسْفَارِ احْتِيَاطًا.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «صَلُّوا المَغْرب والفِجَاجُ مُسْفِرَةٌ» أَيْ بَيِّنَةٌ مضيئةٌ لَا تخْفَى.
وَحَدِيثُ عَلْقَمَةَ الثَّقَفِيِّ «كَانَ يَأتِينا بِلاَلٌ بِفطْرِنا ونحنُ مُسْفِرُونَ جِدّاً» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أمَرْت بِهَذَا البَيت فَسُفِرَ» أَيْ كُنِس. والْمِسْفَرَةُ: المِكْنَسة، وأصلُه الكشْف.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ النَّخَعِيِّ «أَنَّهُ سَفَرَ شَعْره» أَيِ استأصَله وَكَشَفَهُ عَنْ رَأْسِهِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ مُعَاذٍ «قَالَ: قرأتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَفْراً سَفْراً، فَقَالَ:
هَكَذَا فاقْرأ» جَاءَ تفْسيره فِي الْحَدِيثِ «هَذّاً هَذَاً» قَالَ الحرْبي: إِنْ صَحَّ فَهُوَ مِنَ السُّرْعة وَالذَّهَابِ. يُقَالُ أَسْفَرَتِ الإبلُ إِذَا ذهَبت فِي الْأَرْضِ، وإلاَّ فَلَا أعْرف وجْهه «١» .
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «أَنَّهُ قَالَ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. إِنَّ النَّاس قَدِ اسْتَسْفَرُونِي بينَك وَبَيْنَهُمْ» أَيْ جَعَلُوني سَفِيراً بينَك وبينَهم، وَهُوَ الرَّسُول المُصْلح بَيْنَ القَوم، يُقَالُ سَفَرْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ أَسْفِرُ سِفَارَةً إذا سعيت بينهم فى الإصلاح.
(١) فى الدر النثير: قال الفارسى: السفر: الكتاب وجمعه أسفار، كأنه قال: قرأت عليه كتابا كتابا أى سورة سورة لأن كل سورة ككتاب، أو قطعة قطعة. قال: وهذا أوجه من أن يحمل على السرعة فإنها غير محمودة.