للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث: أن يقال: ما حكمة نسخ اللفظ مع أنه إنما نزل ليُتلى ويُثاب عليه، فكيف يرفع، إذ رفعه يقتضي انتفاء حكمته؟

الجواب عن السؤال الأول: هو أنا لا نُسَلِّمُ كون اللفظ دليلًا على الحكم بعد نسخ الحكم، بل هو إنَّما يكون دليلًا عليه عند انفكاكه عمَّا يرفع حكمه، فإذا جاء الخطاب الناسخُ لحكمه زالت دلالته على الحكم بالكلية، كما قدمنا في الفوارق بين النسخ والتخصيص.

وإيضاحه: أن الحكم الشرعي المنسوخ مع بقاء اللفظ الدال عليه سابقًا، وتلاوة ذلك اللفظ، وكتابته في القرآن، وانعقاد الصلاة به، كلها أحكامٌ شرعية مع أحكام ذلك اللفظ، وكل حكم شرعي فهو قابل للنسخ.

قال في "المراقي":

وكل حكم قابل له وفي ... نفي الوقوع لاتفاق قد قفي

وإذا عرفت ذلك عرفت أنه لا مانع من نسخ بعض أحكام اللفظ كالتحريم، والوجوب المفهوم منه، مع بقاء أحكام أخر من أحكامه لم تنسخ، كالتعبد به وإجزائه في الصلاة ونحو ذلك.

فآية الاعتداد بحولٍ -مثلًا- نُسِخَ ما دلَّت عليه من إيجاب تربص الحول على المتوفى عنها، وبقيتْ أحكام أخر من أحكامها لم تنسخ، وهي قراءتها في الصلاة، وكتابتها مع القرآن في المصحف. وهو واضح كما ترى.

والجواب عن السؤال الثاني: هو أنَّ نسخ التلاوة فقط معناه نسخُ

<<  <   >  >>