للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومِنْ هذا المعنى: ذاتُ أنواطٍ.

والاجتهادُ في العلةِ على ثلاثةِ أضرب: تحقيقُ المناطِ، وتنقيحه، وتخريجه. وقد علمتَ أنَّ المناطَ هو العلة.

فمعنى تحقيقِ المناط: تحقيقُ العلةِ في الفرع، وهو نوعان:

الأول: مجمعٌ عليه في كلِّ الشرائعِ، وهو أنْ تكونَ القاعدةُ الكليةُ منصوصةً أو متفقًا عليها، فيجتهد في تحقيقها في الفرع، كوجوب المثل من النعم في بخزاء الصيد، وكوجوب نفقةِ الزوجة، فيجتهد في البقرة -مثلًا- بأنَّها مثلُ الحمارِ الوحشيِّ، ويجتهدُ في القدرِ الكافي في نفقة الزوجة.

فوجوبُ المثلِ والنفقةِ معلومٌ من النصوص، وكونُ البقرةِ -مثلًا- وكونُ القدرِ المعينِ كافيًا في النفقةِ عُلِمَ بنوع من الاجتهاد، وهو هذا القسمُ مِن تحقيقِ المناط.

والمناطُ هنا ليس بمعناه الاصطلاحي؛ لأنَّه ليس المرادُ به العلة، وإنَّما المرادُ به النصُّ العامُّ، وتطبيق النصِّ في أفراده هو هذا النوعُ من تحقيقِ المناط. ولا يخفى أنَّ في عدِّه مِنْ تحقيق المناطِ مسامحةً، ولا مشاحة في الاصطلاح.

النوعُ الثاني منه: هو ما عرف فيه علةُ الحكمِ بنصٍّ أو إجماعٍ، فيحققُ المجتهدُ وجودَ تلك العلةِ في الفرع، كالعلمِ بأنَّ السرقةَ هي مناطُ القطع، فيحققُ المجتهدُ وجودها فيَ النبَّاش لأخذه الكفنَ مِنْ حرز مثله.

<<  <   >  >>