للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعلةُ تحريم الخمر -مثلًا- الإسكار، وحكمتُه حفظُ العقل؛ لأنَّ حفظ العقل هو الذي صار من أجله الإسكار علة للتحريم في الخمر.

قال صاحب مراقي السعود في تعريف الحكمة:

وهي التي من أجلها الوصف جرى ... علة حكم عند كلِّ من درى

وهذا هو معنى قول المؤلف (١) -رحمه اللَّه-: (كقولهم: المسافر يترخص لعلة المشقة)؛ لأن علة الرخصة بالقصر وعدم الصوم هي السفر، والحكمة رفعُ المشقة؛ لأنَّها هي التي من أجلها صار السفر علة للرخصة.

وأما السبب فهو كل ما توصَّلْتَ به إلى شيء. ومنه قول زهير:

ومن هابَ أسبابَ المنية يلقها ... ولو رامَ أسبابَ السماءِ بسُلَّمِ

ويروى: "أسباب المنايا ينلنه"، أي طرقها الموصلة إليها.

والسببُ يطلق عند الفقهاء على أربعة أشياء:

الأول: ما يُقابل المباشرة، كالحفر مع التردية، فالحافر يسمى صاحب سبب، والمُردِّي الذي هو المباشر صاحب علة، وكمن قدَّم طعام شخص إلى آخر فأكله، فالمُقدِّم متسبب، والآكل مباشر، والقاعدة عند الفقهاء تقديم المباشر في الضمان، فإن تعذَّر تضمينه لموت أو فلس ضمن المتسبب، ولا يخلو تضمينه من خلاف.


(١) (١/ ٢٤٦).

<<  <   >  >>