قبول شهادتها في ذلك، وكلا الأمرين إخبار منها عن أمر.
وقد قال ابن عاصم المالكي في تحفته:
وواحد يُجزئ في باب الخبر ... واثنان أولى عند كل ذي نظر
قال المؤلف (١) -رحمه اللَّه تعالى-:
(واختلفت الرواية في قبول الجرح إذا لم يتبين سببه. .) إلخ.
خلاصةُ ما ذكره في هذا المبحث أن فيه ثلاثة مذاهب:
أحدها: أنَّ الجرح يقبل ولو لم يبين المجرِّح سببه؛ لأن عدالته تمنعه من الجرح بأمر غير قادح.
الثاني: أنَّ الجرح لا يقبلُ إلا مع بيان سببه؛ لاختلاف الناس فيما يحصلُ به الجرح، فقد يُظَنُّ الأمر قادحًا وهو ليس بقادح.
الثالث: التفصيل بين المجرِّح الذي حصلت الثقةُ ببصيرته وشدة معرفته وتمييزه لأسباب الجرح، فيقبل تجريحُه مع عدم بيان السبب، وبين من ليس كذلك، فلا يقبلُ تجريحه حتى يبين السبب.
قال مقيده -عفا اللَّه عنه-:
جمهور أهل الأصول والحديث: لا يقبل إلا مع بيان السبب؛ لأنَّ المجرِّحَ قد يظنُّ ما ليس بقادح قادحًا، وقد قيل لشعبة: لم تركتَ حديث فلان؟ قال: رأيته يركض على برذون، فتركت حديثه.