للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيقول المعترض، كالحنفيِّ -مثلًا-: نسلِّم أنَّ كلَّ ما هو قربة تشترط فيه النية، ولا يلزم من ذلك اشتراطها في الوضوء والغسل، فلو صرَّح المستدلُّ بالصغرى لَمَنَعها (١) المعترض، وخرج عن القول بالموجب.

وبعضهم يقول في هذا المثال: السكوت عن مقدمةٍ مشهورة. وما تقدم أظهر؛ لأنَّ المشهورة كالمذكورة، فكأنَّها غير مسكوت عنها لشهرتها.

وهذا النوع من القول بالموجب إنَّما ورد على السكوتِ عنها، ووجه كون الأول أظهر أنَّ غير المشهورة مسكوت عنها.

ووجه من قال: السكوت عن مقدمة مشهورة: أنَّ الشهرة هي التي تبيحُ الحذف؛ لأنَّ حذف غير المشهور يؤدي إلى عدم فهم الكلام.

[تنبيهان]

الأول: منشأ الخلاف في اشتراط النية في الوضوء والغسل هو أنَّهما وسيلة إلى صحة الصلاة، فمَنْ أعطى الوسيلة حكم ما يقصد بها جَعَلَها قربةً فأوجب النية فيهما، وهذا هو الأظهر.

ومن لم يعط الوسيلة حكم مقصدها لم يجعلها قربة، فلم يُوجِبْ فيهما النية.


(١) لأن أبا حنيفة رحمه اللَّه يقول: الوضوء والغسل طهارةٌ معقولة المعنى، وليست قربة. "عطية"

<<  <   >  >>