للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأصل الرابع: الاستصحاب

استصحاب الحال ودليل العقل (١)

اعلم أن الاستصحاب ثلاثة أقسام، اثنان مقبولان عند الجمهور، وواحد مردود عندهم:

١ - استصحابُ العدم الأصلي حتى يرد دليل ناقلٌ عنه؛ لأنَّ العقل يدلُّ على براءة الذمَّة حتى يقوم الدليل، كعدم وجوب صيام صفر -مثلًا-؛ لأنَّ الأصل براءة الذمة منه، فيستصحب الحال في ذلك.

وهذا النوع هو الذي ينصرف إليه اسم الاستصحاب، وهو المعروف بالبراءة الأصلية والإباحة العقلية.

وهذا النوع قد دلَّ القرآن على اعتباره في آيات كثيرة، كقوله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة/ ٢٧٥]، وقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة/ ١١٥].

ووجه الدلالة في الآية الأولى: أنَّه لمَّا نزل تحريم الربا خافوا من الأموال المكتسبة من الربا قبل التحريم، فبينت الآية أن ما اكتسبوا من الربا قبل التحريم على البراءة الأصلية حلال لهم، ولا حرج عليهم فيه.

ووجه دلالة الآية الثانية: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما استغفر لعمه أبي طالب


(١) (٢/ ٥٠٤).

<<  <   >  >>