للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو بعلةٍ غيرِ المتأخرة، بخلافِ قياس الدلالة، لجوازِ تأخيرِ الدليلِ عن المدلول.

ومنع غيرُ واحدٍ ظهورَ حكمِ الفرع للمكلَّفينَ قبل ظهورِ حكمِ الأصلِ مطلقًا. وعليه درج صاحبُ "المراقي" بقوله:

منع الدليلين وحكم الفرعِ ... ظهوره قبل يرى ذا منعِ

الركنُ الرابعُ: العلة:

وهي الجامعُ بين الفرع والأصل، وهو الوصفُ المشتملُ على الحكمةِ الباعثةِ على تشريع الحكم.

فتعريفُ المؤلفِ لها بأنَّها مجردُ علامةٍ لا يخلو من نظرٍ، وقد تبِعَ فيه غيرَه، وهو مبنيٌّ على قول المتكلمين: إنَّ الأحكامَ الشرعيةَ لا تُعَلَّلُ بالأغراضِ قائلينَ: إنَّ الفعل من أجل غايةٍ معينةٍ يتكملُ صاحبُه بوجود تلك الغاية، واللَّه جلَّ وعلا منزَّهٌ عن ذلك؛ لأنَّه غنيٌّ لذاته الغنى المطلق.

والتحقيقُ أنَّ اللَّه يشرعُ الأحكامَ من أجل حِكمٍ باهرةٍ ومصالح عظيمةٍ، ولكنَّ المصلحةَ في جميع ذلك راجعةٌ إلى المخلوقينَ الذين هم في غايةِ الفقرِ والحاجةِ إلى مَا يشرعُه لهم خالقهم من الحكمِ والمصالح، وهو جلَّ وعلا غنيٌّ لذاته الغنى المطلق، سبحانه وتعالى عن كل ما لا يليقُ بجلاله وكماله.

واعلمْ -أولًا- أنَّ العلةَ قد تكونُ حكمًا شرعيًّا، كما تقدم في قياس الدلالة.

<<  <   >  >>