وضابطُه: تسليم المعترض دليل الخصم مع بقاء النزاع في الحكم. أي وذلك بجعل الدليل الذي سلَّمه ليس هو محلَّ النزاع.
كقوله تعالى:{يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} الآية [المنافقون/ ٨]، فابنُ أُبَيٍّ في هذه الآية استدلَّ على أنَّه يخرج الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه من المدينة بأنَّ الأعزَّ قادرٌ على إخراج الأذلِّ، والله سلَّم له هذا الدليل مبيِّنًا أنَّه لا يجديه؛ لأنَّه هو الأذلُّ، حيث قال تعالى:{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} الآية [المنافقون/ ٨].
واعلمْ أنَّ القولَ بالموجبِ عند الأصوليين يقعُ على أربعةِ أوجه:
الوجه الأول: أنْ يَرِدَ لخللٍ في طرف النفي.
وذلك أنْ يستنتج المستدلُّ من الدليل إبطال أمر يتوهم منه أنَّه مبنى مذهب الخصم في المسألة، والخصم يمنع كونه مبنى مذهبه، فلا يلزم من إبطاله إبطال مذهبه.
وأكثر القول بالموجب من هذا النوع.
كأن يقال في وجوب القصاص بالقتل بالمثقَّل: التفاوت في الوسيلة من آلات القتل وغيره لا يمنع القصاص، كالمتوسل إليه من قتلٍ أو قطعٍ أو غيرهما لا يمنع التفاوتُ فيه القصاص.