للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأنزل اللَّه الآية مبينة أن ما فعلوه من الاستغفار لهم على حكم البراءة الأصلية قبل نزول التحريم، لا مؤاخذة عليهم به حتى يحصل بيان ما ينهى عنه.

فصل

قال المؤلف (١) -رحمه اللَّه تعالى-:

(واختلف في الأفعال وفي الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع بحكمها. . .) الخ.

اعلم أنَّ خلاصة ما ذكره المؤلف -رحمه اللَّه تعالى- في هذا المبحث: أنَّ حكم الأفعال والأعيان -أي الذوات المنتفع بها- قبل أن يرد فيها حكمٌ من الشرع فيها ثلاثة مذاهب:

الأول: أنها على الإباحة، وهو الذي يميلُ إليه المؤلف. واستدل بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة/ ٢٩]، فإنَّه تعالى امتنَّ على خلقه بما في الأرض جميعًا، ولا يمتن إلَّا بمباح، إذْ لا منَّة في محرَّم.

واستدلَّ لإباحتها أيضًا بصيغ الحصر في الآيات، كقوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف/ ٣٣]، وقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} الآية [الأنعام/ ١٤٥]، {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ


(١) (١/ ١٩٧).

<<  <   >  >>