للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شكَّ أنَّ حصول اليقين به يتفاوت، لأن القرائن الخفية يفهمها الذكي، وتخفى على الغبي، فتقوم القرائن للذكي مقام عدد من المخبرين، وكذلك القرائن الظاهرة إن علم بها بعض المخبرين دون بعض، كما لو تواتر الخبر لجماعة أن فلانًا مات وفلانًا تزوج، وأحدهم قد رأى قبل ذلك الذي أخبروا بموته في النزع، والذي أخبروا بتزويجه في السوق يشتري ما يحتاج إليه المتزوج، فإنَّ العالم بمثل هذه القرائن يحصل له اليقين قبل حصوله لغير العالم بها، لأنَّ القرائن قد تفيد العلم منفردة عن الأخبار، فإنَّا نعلم محبة شخص لآخر، وخوف شخص من آخر بما نرى من القرائن الدالة على ذلك، ونحو ذلك كثير. فإذا انضمَّت القرائن إلى الأخبار قامت مقام بعض المخبرين في إفادة العلم.

قال المؤلف (١) -رحمه اللَّه-:

(وللتواتر ثلاثة شروط. . .). الخ.

اعلم أن التواتر في اللغة: هو مجئ الواحد بعد الواحد بفترة بينهما. ومن ذلك قوله تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} [المؤمنون/ ٤٤] لأنَّ التاء الأولى مبدلة من واوٍ كتاء تقوى.

وقيل التواتر: التتابع مطلقًا، ومنه قولُ لبيد في معلقته:

يعلو طريقة متنها متواتر ... في ليلة كفر النجومَ غمامُها


(١) (١/ ٣٥٦).

<<  <   >  >>