القرآن بالقرآن، قائلًا: إنه هو مقتضى التشبيه في قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}[البقرة/ ١٨٣] أي: وكان من قبلنا لا تحلُّ لهم المباشرة في ليالي رمضان بعد النوم أو صلاة العشاء، فعلى هذا فالآية ناسخة لما دلَّ عليه التشبيه لنا بمن قبلنا، واللَّه أعلم.
ومن أمثلته: نسخ جواز تأخير الصلاة حالة الخوف الثابت بفعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في غزوة الأحزاب بقوله تعالى:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ}[النساء/ ١٠٢].
قال المؤلف (١):
(فأمَّا نسخ القرآن بالسنة المتواترة فقال أحمد رحمه اللَّه: لا ينسخ القرآن إلا قرآن يجيء بعده. . .) الخ.
حاصل هذا القول: منع نسخ القرآن بالسنة المتواترة، وأحرى الآحاد؛ لأنَّ اللَّه يقول:{نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}[البقرة/ ١٠٦] والسنة لا تكون خيرًا من القرآن ولا مثله. وقد تمدَّح تعالى بأن ذلك لا يقدر عليه غيره بقوله بعده:{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[البقرة/ ١٠٦].
قال مقيِّده -عفا اللَّه عنه-:
التحقيق جواز نسخ القرآن بالسنة المتواترة ووقوعه، ومثالُه: نسخُ آية خمس رضعات بالسنة المتواترة، ونسخُ سورة الخلع وسورة الحفد بالسنة المتواترة. وأمثال ذلك كثيرة.