للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَاجْلِدُوا} [النور/ ٢]؛ لأنَّنا نقولُ: هذا القياسُ مقدَّم على ذاك العمومِ ومخصصٌ له، لأنَّه أخصُّ منه في محلِّ النزاع.

[فائدة]

اعلمْ أنَّ أول مَنْ قاس قياسًا فاسدَ الاعتبار إبليسُ، حيث عارضَ النصَّ الصريحَ الذي هو السجودُ لآدمَ بأنْ قاسَ نفسه على عنصره، وقاسَ آدمَ على عنصره، فأنتج من ذلك أنَّه خيرٌ من آدم، وأنَّ كونه خيرًا من آدمَ يمنعُ سجودَه له المنصوصَ عليه من اللَّه.

وقياسُ إبليس هذا مردودٌ مِنْ ثلاثةِ أوجه:

الأول: هو ما ذُكِرَ من كونه فاسدَ الاعتبارِ لمخالفةِ النصِّ.

الثاني: منعُ كونِ النارِ خيرًا من الطينِ، بأنَّ النار طبيعتها الخفةُ والطيشُ والإفسادُ والتفريق، وأنَّ الطينَ طبيعتُه الرزانةُ والإصلاحُ، تودعه الحبةَ فيعطيكها سنبلةً، والنواةَ فيعطيكها نخلةً، وإذا نظرتَ إلى ما في البساتينِ الجميلةِ مِنْ أنواع الفواكه والحبوب والزهورِ عرفتَ أنَّ الطينَ خيرٌ من النار.

الثالث: أنَّا لو سلمنا جدليًّا أنَّ النار خيرٌ من الطينِ، فشرفُ الأصلِ لا يستلزمُ شرف الفرعِ، فكمِ من أصلٍ رفيعٍ وفرعُه وضيعٌ.

إذا افتخرتَ بآباءٍ لهم شرف ... قلنا: صدقتَ ولكن بئس ما ولدوا

السؤالُ الثالث: فساد الوضع:

وضابطُه: أنْ يكونَ الدليلُ على غير الهيئة الصالحةِ لأخذِ الحكمِ

<<  <   >  >>