للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثالُ مخالفةِ الإجماع: قولُ الحنفي: لا يغسِّلُ الرجلُ زوجته الميتةَ؛ لحرمةِ النظرِ إليها قياَسًا على الأجنبيةِ. فيعترضُ بأنَّ عليًّا غسَّل فاطمةَ ولم ينكرْ عليه أحد من الصحابةِ، فصار إجماعًا سكوتيًّا.

وعرَّفه في "المراقي" بقوله:

والخلفُ للنَّصِّ أو اجماعٍ دعا ... فسادَ الاعتبارِ كلُّ مَنْ وعَى

وجوابُ المستدلِّ عن فسادِ الاعتبارِ مِنْ وجهين:

أحدهما: أنْ يُبِّين أن النصَّ لم يُعارضْ دليلَه.

الثاني: أنْ يُبيِّنَ أنَّ دليله أوْلى بالتقديمِ من نصِّ المعارض.

فمثالُ الأولِ أنْ يقال: شرطُ الصومِ تبييتُ النيةِ في رمضان، فلا تصحُّ نيَّتُه في النهارِ قياسًا على القضاء.

فيقولُ الحنفيُّ: هذا فاسدُ الاعتبار؛ لمخالفتِه لقوله تعالى: {وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} إلى قوله: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب/ ٣٥]، فإنَّه يدلُّ على ثبوتِ الأجرِ العظيمِ لكلِّ مَنْ صامَ، وذلك مستلزمٌ للصحة.

فيقولُ المستدلُّ: الآيةُ لا تعارضُ دليلي (١)، ولا تدلُّ على الصحة؛ لأنَّ عمومها مخصصٌ بحديثِ "لا صيامَ لِمَنْ لم يُبيِّت النيةَ من الليل".

ومثالُ الثاني: أنْ يُقال: قياسُ العبدِ على الأمةِ في تشطير حدِّ الزنا بالرِّقِّ فاسدُ الاعتبارِ؛ لمخالفةِ عموم قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي


(١) في الأصل المطبوع: دليلًا. ولعل المثبت هو الصواب.

<<  <   >  >>