للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما خطابُ الكفَّار بفروع الإسلام: فاختلف فيه، فقيل: غير مخاطبين بها. واحتجَّ من قال بأنَّهم غير مخاطبين بها بأنَّهم لو فعلوها في حال كفرهم لم تقبل منهم، ولا يجب قضاؤها عليهم بعد الإسلام، وما لم يُقبل منهم فلا يُخاطبون به.

وهذا الاحتجاجُ مردودٌ؛ لأنَّهم مخاطبون بها وبما لا تصحُّ إلَّا به وهو الإسلام، كالمحدث يخاطب بالصلاة وبما لا تصح الصلاة إلا به كالطهارة، كما قدَّمنا من أن ما لا يتم الواجب إلا به واجب،

والحقُّ أنَّهم مكلفون بها لدلالة النصوص على ذلك.

فمن الأدلة عليه قوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤)} [المدثر/ ٤٢ - ٤٤].

ففي الآية التصريح بأن من الأسباب التي سلكتهم في سقر عدم إطعام المسكين، وهو فرع من الفروع.

ونظيره قوله تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (٣٢)} ثم بين السبب بقوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (٣٣) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣٤)} [الحاقة/ ٣٣ - ٣٤].

ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (٦٩)} [الفرقان/ ٦٩ - ٦٨]؛ لأن الآية نص في مضاعفة العذاب في حق من جَمَعَ بين المحظورات.

<<  <   >  >>