للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لما يتكلم به غير طائش عنه، وذلك في قوله: {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} الآية [النساء/ ٤٣].

وأمَّا المُكْرَه: فجزم المؤلفُ رحمه اللَّه بأنَّه مكلَّف، وإطلاقه تكليفه من غير تفصيل لا يخلو من نظر، إذ الإكراه قسمان:

١ - قسمٌ لا يكون فيه المكره مكلفًا بالإجماع، كمن حلف لا يدخل دار زيد مثلًا، فقهره من هو أقوى منه، وكبَّله بالحديد، وحمله قهرًا حتى أدخله فيها، فهذا النوع من الإكراه صاحبه غير مكلَّف كما لا يخفى، إذ لا قدرة له على خلاف ما أكره عليه.

٢ - وقسمٌ هو محلُّ الخلاف الذي ذكره المؤلف، وهو ما إذا قيل له: افعل كذا مثلًا وإلا قتلتك، وجزم المؤلف بأنَّ المكره هذا النوع من الإكراه مكلَّف، وظاهر كلامه أنه لو فعل المحرَّم الذي أكره عليه هذا النوع من الإكراه لكان آثمًا، والظاهر أنَّ في ذلك تفصيلًا.

فالمكره على القتل بأن قيل: "اقتله وإلا قتلتك أنت"، لا يجوز له قتل غيره، وإن أدَّى ذلك إلى قتله هو، وأمَّا في غير حق الغير فالظاهر أنَّ الإكراه عذر يسقط التكليف، بدليل قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل/ ١٠٦].

وفي الحديث: "إن اللَّه تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".

والحديث وإنْ أعلَّه أحمد وابن أبي حاتم، فقد تلقاه العلماء بالقبول، وله شواهد ثابتة في الكتاب والسنة.

<<  <   >  >>