للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الضرب الثاني: تنقيحُ المناط.

والتنقيحُ في اللغة: التهذيب والتصفية، فمعنى تنقيحِ المناط: تهذيب العلةِ وتصفيتها، بإلغاء ما لا يصلحُ للتعليل، واعتبار الصالح له.

ومثالُه: قصة الأعرابي المجامع في نهار رمضان، ففي بعض رواياتها أنَّه جاءَ يضرب صدره وينتف شعره، ويقول: هلكتُ، واقعتُ أهلي في نهارِ رمضان، فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أعتقْ رقبةً".

فكونُه أعرابيًّا، وكونُه يضربُ صدره، وينتفُ شعره، وكونُ الموطوءة زوجته -مثلًا-، كلها أوصافٌ لا تصلحُ للعليةِ فتُلغى تنقيحًا للعلةِ، أي تصفيةً لها عند الاختلاطِ بما ليس بصالحٍ.

واعلمْ أنَّ تنقيحَ المناطِ تارةً يكونُ بحذف بعضِ الأوصاف لأنَّها لا تصلح، وتارةً بزيادة بعض الأوصافِ لأنَّها صالحةٌ للتعليل.

وقد اجتمع مثالُهما في قصة الأعرابي المذكورة، فقد نَقَّحَ فيها المناطَ الشافعيُّ وأحمدُ مرةً واحدةً، وهي تنقيحُه بحذف الأوصافِ -كما قلنا-.

ونَقَّحَه مالكٌ وأبو حنيفة مرتين: الأولى هي هذه التي ذكرنا، والثانيةُ هي تنقيحُه بزيادة بعضِ الأوصاف، وهي أنَّ مالكًا وأبا حنيفةَ ألغيا خصوصَ الوقاعِ، وأناطا الحكمَ بانتهاك حرمةِ رمضان، فأوجبا الكفارة في الأكل والشرب عمدًا، فزادا الأكل والشربَ على الوقاعِ تنقيحًا للمناطِ بزيادة بعض الأوصاف.

<<  <   >  >>