للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنبيه:

قد يكون الإجمالُ مع الوضوح في وجهٍ آخر، كقوله: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام/ ١٤١]، فإنَّه واضح في إتيان الحقِّ، مجمل في مقدار الحق، لاحتماله النصف وأقلَّ وأكثر.

وأشار له في "المراقي" بقوله:

وقد يجي الإجمالُ من وجه ومن ... وجه يراه ذا بيانٍ مَنْ فَطِن

والتحقيقُ أنَّ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة/ ٣] ونحوه، غير مجمل؛ لظهورِه من جهة العرف في تحريم الأكل.

وكذلك قوله: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة/ ٢٧٥] ليس بمجمل؛ لأنَّه على عمومه إلا ما أخرجه الدليل. وتظهرُ فائدته في حمل بيوع المسلمين على الصحة حتى يقومَ دليل على الفساد.

وكذلك قوله: "لا صلاة إلا بطهور" ليس بمجملٍ أيضًا؛ لأنَّ المراد نفي الصحة، وإن شئت قلت: نفي الصلاةِ بمعنى حقيقتها الشرعية. والمعنيان متلازمان؛ لأنَّ الصحة كلما وُجدت فحقيقة الصلاة الشرعية موجودةٌ، وكلما عدمت فهي معدومةٌ.

والتحقيقُ -أيضًا- في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا عمل إلا بنيةٍ" أنَّه غيرُ مجملٍ -أيضًا-.

وحاصل تحرير المقام فيه: أنَّ العمل إن كان عبادةً، كالصلاة، فالمرادُ فيه نفيُ الصحة والاعتماد. وإن شئت قلت: نفي العمل باعتبار

<<  <   >  >>