للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأنكر عليه إبدال لفظ النبي بلفظ الرسول، وهذا يدلُّ على منع نقل الحديث بالمعنى.

قلنا: قد أُجيب عن هذا بأجوبة متعددة، والذي يظهر لي -واللَّه تعالى أعلم- أن وجه إنكار النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على البراء إبدال النبي بالرسول أن لفظ الرسول لا يقوم مقام لفظ النبي في الحديث المذكور لتفاوت معنى الكلمتين، فإنَّك لو قلت "ورسولك الذي أرسلت" كان قولك "الذي أرسلت" لا حاجة له مع قولك "ورسولك" فهو تكرار ظاهر، وتأكيد لا حاجة إليه، بخلاف لفظ النبي، فإن النبي قد يكون غير مرسل، فصرَّح بأنه مرسل، فيكون قولُه "الذي أرسلت" تأسيسًا لا تأكيدًا، ومعلوم أن التأكيد لا يساوي التأسيس.

وقد تقرَّر في الأصول أنَّه إنْ دار اللفظ بين التأكيد والتأسيس فحملُه على التأسيس أرجح إلَّا لدليل، كما أوضحناه في كتابنا "أضواء البيان" في سورة النحل في الكلام على قوله: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل/ ٩٧].

تنبيهات:

الأول: حكى قوم الإجماع على جواز نقل الحديث بالمعنى في التَّرجمة، أعني إبدال اللفظ العربي بلفظ أعجمي لإفهام أهل ذلك اللسان الأعجمي، وحكى قوم الإجماع -أيضًا- على إبدال لفظ بمرادفه، وأدخل ذلك في الخلاف قوم آخرون.

والفرقُ بين إبدال اللفظ بمرادفه وبين مسألة نقل الحديث بالمعنى،

<<  <   >  >>