ومنها: أنَّ من سمع شاهدًا يشهد بالعجمية جاز أنْ يشهد على شهادته بالعربية، والشهادة آكد من الرواية.
ومنها: أن الرواية بالمعنى عن غيره -صلى اللَّه عليه وسلم- جائزة، فكذلك الرواية عنه، بجامع حرمة الكذب فيهما معًا.
وحجة من قال بالمنع في هذا الفصل حديثُ:"نضَّر اللَّه امرءًا سمع مقالتي فأداها كما سمعها" الحديث.
هذا هو خلاصةُ ما ذكره في هذا الفصل.
قال مقيده -عفا اللَّه عنه-:
التحقيقُ في هذه المسألة هو ما ذهب إليه الجمهور من جواز نقل الحديث بالمعنى بالشروط المتقدمة، لأَنَّه غير متعبد بلفظه، والمقصود منه المعنى، فإذا أدَّى المعنى على حقيقته كفى ذلك دون اللفظ، ومن أتى بالمعنى بتمامه فقد أدَّاه كما سمعه، فيدخل في قوله:"فأدَّاها كما سمعها"، ويدلُّ لهذا قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [الأعلى/ ١٨، ١٩]، والذي في تلك إنَّما هو معنى ما ذكر، لا لفظه. وأمثال ذلك كثيرة في القرآن.
فإنْ قيل: ما الجوال عن حديث البراء بن عازب المشهور الصحيح، ومحلُّ الشاهد منهْ أن البراء سمع من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك الحديث ومن جملته:"آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت"، فقال البراء:"ورسولك الذي أرسلت" فأبدل لفظ النبي بلفظ الرسول فقال له -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قل آمنت بنبيك الذى أرسلت".