للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجوابُ عن الاستدلال بالآية الكريمة هو أنَّ كلًّا من الناسخ والمنسوخ من عند اللَّه تعالى، فهو الناسخ للحقيقة، ولا يقدر على ذلك غيره، كما بينه بقوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥)} [يونس/ ١٥]، ولكنه يظهر النسخ على لسان رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، [فإذا نسخَ آيةً] (١) ثم أتى بآية أخرى مثلها كان حقَّق وعده، فلم يشترط في الآية المذكورة أن تكون الآية هي الناسخة بعينها، بل يجوز أن ينسخ الأولى على لسان نبيه بوحيٍ غير القرآن، ثم بعد نسخها يأتي بآية أخرى مثلها. ولا تنافي بين هذا وبين ظاهر الآية الكريمة كما ترى.

وقد قال بعض العلماء: ليس المراد الإتيان بنفس آية أخرى خير منها، بل المراد نأتي بعمل خير من العمل الذي دلَّت عليه الأولى أو مثله. واللَّه تعالى أعلم.

والحديث الذي أورده عن جابر رضي اللَّه عنه مرفوعًا: "القرآن ينسخ حديثي، وحديثي لا ينسخ القرآن" الظاهر أنه غير صحيح، وثبوت نقيضه بالسنة الثابتة ممَّا يدلُّ على عدم صحته.


(١) زيادة يقتضيها السياق. وليست في الأصل المطبوع.

<<  <   >  >>