والتواترُ في الاصطلاح: هو إخبارُ جماعةٍ يستحيل تواطؤهم على الكذب عادة عن أمر محسوس.
وخلاصة ما ذكره المؤلف في هذا الفصل أن التواتر المفيد للعلم اليقيني تشترط فيه ثلاثةُ شروط:
الأول: أن يكون إخبارهم عن أمر محسوس، أي مدرك بإحدى الحواس، كقولهم: رأينا وسمعنا، لأنَّ تواطؤ الجم الغفير على الخطأ في المعقولات لا يستحيلُ عادة، فترى الآلاف من العقلاء يتواطؤون على قدم العالم، وعلى كذب الأنبياء، مع أن تواطؤهم باطل، لأنه ليس في إخبار عن محسوس، أمَّا تواطؤهم على الكذب في الإخبار عن محسوس فهو مستحيل عادةً مع كثرتهم وعدم الدواعي إلى التواطؤ.
الشرط الثاني: أن يكون العددُ بالغًا حدًا يستحيلُ معه التواطؤ على الكذب عادةً.
الثالث: أن يكون العدد المذكور في كل طبقة من طبقات السند من أوله إلى آخره.
واختلف أهل الأصول في تحديد العدد الذي يحصلُ بخبرهم اليقين. والمذهب الصحيح المعتمدُ أنَّه ليس له حد معين، بل ما حصل به العلمُ اليقيني فهو العدد الكافي، كالخبز نقطع بأنَّه يشبع، والماء نقطع بأنه يُروي، مع عدم تحديد الحدِّ الذي يقع به الشبعُ والري منهما.