للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} الآية [الأنعام/ ١٥١].

واستدل لذلك أيضًا بحديث: "الحلال ما أحله اللَّه في كتابه، والحرام ما حرَّمه اللَّه في كتابه، وما سكت عنه فهو ممَّا عفا عنه".

المذهب الثاني: أنّ ذلك على التحريم حتى يرد دليل الإباحة. واستدل لهذا بأنَّ الأصل منع التصرف في ملك الغير بغير إذنه، وجميع الأشياء ملك للَّه جلَّ وعلا فلا يجوز التصرف فيها إلا بعد إذنه.

ونوقش هذا الاستدلالُ بأنَّ منع التصرف في ملك الغير إنَّما يَقْبُحُ عادةً في حقِّ من يتضرر بالتصرف في ملكه، وأنه يقبح عادةً المنع ممَّا لا ضرر فيه، كالاستظلالِ بظلِّ حائطِ إنسانٍ، والانتفاع بضوءِ ناره، والله جلَّ وعلا لا يلحقه ضرر من انتفاع مخلوقاته بالتصرف في ملكه.

المذهب الثالث: التوقف عنه حتى يرد دليلٌ مبيِّن للحكم فيه.

واعلم أن لعلماء الأصول في هذا المبحث تفصيلًا لم يذكره المؤلف، ولكنه أشار إليه إشارة خفية، وهو أنهم يقولون: الأعيان -مثلًا- لها ثلاث حالات:

١ - إمَّا أن يكون فيها ضررٌ محضٌ ولا نفع فيها البتة، كأكل الأعشاب السامة القاتلة.

٢ - وإمَّا أن يكون فيها نفعٌ محض، ولا ضرر فيها أصلًا.

٣ - وإمَّا أن يكون فيها نفع من جهةٍ وضرر من جهةٍ.

فإن كان فيها الضرر وحده ولا نفع فيها، أو كان ضررها أرجح من

<<  <   >  >>