للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السقوط أيضًا؛ لأن مورد الصدق والكذب في الشرطية إنَّما هو الربطُ، فتكون صادقة لصدق ربطها، ولو كانت كاذبة الطرفين لو حُلَّ ربطُها.

ألا ترى أنَّ قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء/ ٢٢] قضية شرطية في غاية الصدق، مع أنها لو أزيل منها الربط لكذب طرفاها، إذْ يصير الطرف الأول: كان فيهما آلهة إلا اللَّه، وهذا باطل قطعًا، ويصير الطرف الثاني: فسدتا، أي السموات والأرض، وهو باطل أيضًا، والربط لاشك في صحته، وبصحته تصدق الشرطية، فلو كان فيهما آلهة غير اللَّه لفسد كل شيء بلا شك.

وكذلك لو صحَّ أن الواحد نصف العشرة لصح أن العشرة اثنان، لكنَّه لم يصح أن فيهما آلهة غير اللَّه، ولا أن الواحد نصف العشرة، كما هو معروف، بخلاف الشرط في الآية فقد صح، وبصحته يلزم وجود المشروط.

واعلم أن قول من قال: إن أهل العربية يجعلون الصدق والكذب في الشرطية إنَّما يتواردان على الجزاء والشرط إنَّما هو شرط في ذلك. . . غيرُ صحيح، بل التحقيق أن الصدق والكذب عندهم يتواردان على الربط بينهما كما ذكرنا، كما حقَّقه السيد في حواشيه على "المطول"، وكما حققه البنَّاني في "شرح السلم"، وهو الحقُّ الذي لا شكَّ فيه؛ لصدق الشرطية مع كذب الطرفين كما بينَّا.

<<  <   >  >>