للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المنصوص في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة/ ١٨٤] بقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة/ ١٨٥] لأن إيجاب الصوم أثقل من التخيير بينه وبين الإطعام.

ونسخ حبس الزواني في البيوت، المنصوص عليه بقوله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ} [النساء/ ١٥] بالجلد بقوله تعالى: {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور/ ٢]، والرجم أثقل من الحبس في البيوت.

ولو قيل: إن آية الحبس في البيوت غير منسوخة؛ لأنَّها كانت لها غاية هي قوله تعالى: {حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (١٥)} الآية، وقد حصلت الغاية بجعل السبيل كما قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خذوا عني، خذو عني، قد جعل اللَّه لهن سبيلًا" الحديث، فذلك السبيل هو الجلد والرجم = لكان حسنًا متَّجهًا.

ومن أمثلته: نسخ إباحة الخمر المنصوص في قوله تعالى: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل/ ٦٧] بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} إلى قوله {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١)} [المائدة/ ٩٠ - ٩١]، خلافًا لمن زعم أنَّ تحريم الخمر رافع للبراءة الأصلية، لا حكم شرعي، فليس عنده بنسخ؛ لأنه فسر قوله تعالى: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا} بأن المراد بالسَّكر الطعم أو الخل لا الخمر، وهو خلافُ الصحيح.

فإن قيل: كيف جاز نسخُ الأخف بالأثقل والأثقل بالأخف مع أن اللَّه يقول: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}، فإن كان الأثقل خيرًا لكثرة الأجر فلم جاز نسخه بالأخف؟ وإن كان الأخف خيرًا لسهولته فلم جاز

<<  <   >  >>