للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال القاضي: إنه لا يكون نسخًا حتى يبلغ المكلف؛ لأنَّ أهل قباء بلغهم نسخُ استقبال بيت المقدس وهم في الصلاة، فاعتدوا بما مضى من صلاتهم، ولو كان الحكم يستقر بمجرد وروده وإن لم يعلم به المكلف لما اعتدُّوا بما مضى من الصلاة قبل العلم بالناسخ.

قال أبو الخطاب: يتخرَّج أن يكون نسخًا، بناءً على قول الإمام أحمد -رحمه اللَّه تعالى- في الوكيل أنَّه ينعزل بعزل الموكل، وإن لم يعلم الوكيل بالعزل.

ويتفرع على هذا الخلاف نسخُ خمسة وأربعين صلاة ليلة الإسراء، فعلى أن الحكم يثبت بمجرد الورود فهي منسوخة في حق الأمة، وعلى عكسه فلا.

ومن الفروع المبنية عليه: عزل الوكيل بموت موكله أو عزله له قبل العلم، وهل تصرُّفه بعد موت موكله، أو بعد عزله له، قبل علمه بذلك، ماضٍ أوْ لا؟ الخلاف في ذلك مبني على الخلاف في هذه المسألة.

وينبني على الخلاف في هذه المسألة أيضًا: من أسلم في دار الكفر، ولم يجد من يعلمه أمر دينه كالصلاة والصوم، ومن نشأ على شاهق جبل وهو على الفطرة، ولم يجد من يعلمه، ثم بعد ذلك حصل العلم بأمور الدين لكل منهما، فعلى أن الحكم يثبت بالورود فعليهما قضاء ما فاتهما من الصلاة والصوم، وعلى أنه لا يستقلُّ إلا ببلوغه للمكلف فلا قضاء عليهما.

<<  <   >  >>