غير الصحابي، فإن كان غير مدلس فهي صحيحة كالتصريح بالسماع، وإن كان مدلسًا لم تقبل ما لم يثبت السماع من طريق أخرى، كما هو مقرر في علم الحديث.
ومن يحتجُّ من العلماء بالمرسل يحتجُّ بعنعنة المدلس، وقوله:"قال"، ونحو ذلك، من باب أولى.
ومثَّل المؤلف -رحمه اللَّه تعالى- لقول الصحابي:"قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" مع أنه لم يسمع منه مباشرة بما روي عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أصبح جنبًا فلا صوم له"، فلما استُكْشِفَ قال: حدثني الفضل بن عباس.
وما روي عن ابن عباس أنَّه قال:"إنما الرِّبا في النسيئة"، فلما روجع أخبر أنه سمعه من أسامة بن زيد.
وقد بينَّا أنَّ مثل ذلك لا يضرُّ؛ لأنَّ مرسل الصحابي له حكم الوصل.
المرتبة الثالثة: أن يقول الصحابي: أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بكذا، أو نهى عن كذا، وإنَّما كانت هذه دون التي قبلها؛ لأنَّ فيها من احتمال عدم السماع مباشرة مثل ما في الأولى، وتزيد عليها بأنه قد يظن ما ليس بأمر أمرًا.
هكذا قيل، ولا يخفى بُعْدُه، إذ عدالةُ الصحابي تمنعه من أن ينقل عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الأمر فيما ليس بأمرٍ، ولذا جعلت جماعة من أهل الأصول هذه المرتبة في منزلة التي قبلها لضعف الاحتمال المذكور.