المذهب الثالث: هو التفصيلُ بأنَّه إن احتفت به قرائنُ دالة على صدقه، أفاد اليقين، وإلا أفاد الظن.
ومثال ما احتفَّت به القرائن: إخبار رجل بموت ولده المشرف على الموت مع قرينة البكاء وإحضار الكفن والنعش.
ومن أمثلته -أيضًا-: أحاديث الشيخين؛ لأنَّ القرائن دالةٌ على صدقها، لجلالتهما في هذ الشأن، وتقديمهما في تمييز الصحيح على غيرهما، وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول، وهذا التلقي وحده أقوى في إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق، كما قاله غير واحدٍ.
واختار هذا القول ابنُ الحاجب، وإمام الحرمين، والآمدي، والبيضاوي. قاله صاحب "الضياء اللامع".
وممَّن اختار هذا القول أبو العباس ابن تيمية رحمه اللَّه تعالى.
وحمل بعضُهم الرواية عن أحمد على ما قامت القرائنُ على صدقه خاصة دون غيره.
قال مقيده -عفا اللَّه عنه-:
الذي يظهر لي أنَّه هو التحقيق في هذه المسألة -واللَّه جل وعلا أعلم- أنَّ خبر الآحاد -أي الذي لم يبلغ حد التواتر- ينظر إليه من جهتين؛ هو من إحداهما قطعي، ومن الأخرى ظني.
ينظر إليه من حيث إن العمل به واجب، وهو من هذه الناحية