للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - وأمر غير جازم، أي لا عقاب في تركه، وهو المندوب.

والدليل على شمول الأمر للمندوب قوله تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج/ ٧٧]. أي ومنه المندوب.

{وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ} [لقمان/ ١٧] أي ومنه المندوب.

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل/ ٩٠] أي ومن الإحسان وإيتاء ذي القربى ما هو مندوب.

واحتجَّ من قال: إنَّ الندب غير مأمور به بقوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)} [النور/ ٦٣]، قالوا: في الآية التوعدُ على مخالفة الأمر بالفتنة والعذاب الأليم، والندبُ لا يستلزمُ تركه شيئًا من ذلك.

وبحديث: "لولا أنْ أشقَّ على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كلَّ صلاة" مع أنه ندبهم إلى السواك، قالوا: فدلَّ ذلك على أنَّ الندب غير مأمور به.

والجوابُ أنَّ الأمر في الآية والحديث المذكورين يراد به الأمرُ الواجب، فلا ينافي أن يطلق الأمر -أيضًا- على غير الواجب، وقد قدَّمنا أنَّ الأمر يطلق على هذا وهذا.

وزعمُ من قال إنَّ الندب تخييرٌ؛ بدليل جواز تركه، والأمر استدعاءٌ وطلب، والتخيير والطلب متنافيان = زعمٌ غير صحيح؛ لأن الندب ليس تخييرًا مطلقًا؛ بدليل أن الفعل فيه أرجحُ من الترك؛ للثواب في فعله وعدم الثواب في تركه، ولأنَّ المندوب -أيضًا- مطلوبٌ إلا أنَّ

<<  <   >  >>