للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(القسمُ الثالث: المباح. وحدُّه: ما أذن اللَّه في فعله وتركه غير مقترن بذم فاعله وتاركه ولا مدحه، وهو من الشرع. . .) الخ كلامه.

اعلم أن الإباحة عند أهل الأصول قسمان:

١ - الأولى: إباحةٌ شرعية، أي عُرِفَتْ من قِبَل الشرع، كإباحة الجماع في ليالي رمضان المنصوص عليها بقوله: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة/ ١٨٧]، وتسمى هذه الإباحة: الإباحة الشرعية.

٢ - الثانية: إباحةٌ عقلية، وهي تسمى في الاصطلاح: البراءة الأصلية، والإباحة العقلية، وهي بعينها استصحاب العدم الأصليِّ حتى يرد دليل ناقل عنه.

ومن فوائد الفرق بين الإباحتين المذكورتين أن رفع الإباحة الشرعية يُسمَّى نسخًا، كرفع إباحة الفطر في رمضان، وجعل الإطعام بدلًا عن الصوم المنصوص في قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة/ ١٨٤]، فإنه منسوخ بقوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة/ ١٨٥].

وأما الإباحةُ العقليةُ فليس رفعُها نسخًا؛ لأنَّها ليست حكمًا شرعيًّا، بل عقليًّا، ولذا لم يكن تحريم الربا ناسخًا لإباحته في أول الإسلام؛ لأنها إباحةٌ عقلية، وأمثال ذلك كثيرة جدَّا.

والمباح في اللغة: هو ما ليس دونه مانع يمنعه. ومنه قولُ عبيد بن الأبرص:

<<  <   >  >>