أخبرني إجازة، فإن لم يقل إجازة لم يجز على أصح القولين.
فإن قال: هذا الكتاب سماعي، ولم يأذن في روايته عنه، فلا تجوزُ الرواية بذلك؛ لأنَّه يمكن ألا يجيز روايته عنه لخلل يعلمه فيه.
وكذلك لو قال: عندي شهادة، لا يشهد بها ما لم يقل: أذنت لك أن تشهد على شهادتي، وكذا لو وجد شيئًا بخطه لا يرويه عنه، لكن يجوزُ له أن يقول: وجدت بخط فلان كذا وكذا.
فإن قال العدل: هذه نسخة من صحيح البخاري أو مسلم -مثلًا-، فليس له أن يرويه عنه ما لم يأذن. وهل يلزمه العمل به؟ فيه خلاف، وأظهره لزومُ العمل به؛ لأنَّ أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كانوا يحملون صحف الصدقات إلى البلاد، وكان الناس يعتمدون عليها بشهادة حامليها بصحتها دون أن يسمعها كلُّ واحد منهم، فإن ذلك يفيد سكون النفس، وغلبة الظن، وإلى ذلك أشار في المراقي بقوله:
والخلف في إعلامه المجرد ... وأعملن منه صحيح السند
هذا هو خلاصة ما ذكره المؤلف في هذا المبحث، مع زيادات إيضاح واستدلال واستظهار، وهذا الذي مشى عليه المؤلف رحمه اللَّه من ترتيب هذه المراتب الأربعة المذكورة قولُ بعض أهل العلم، وفيه أقوال أُخر غير هذا.
منها: أنَّ المناولة والسماع والعرض -الذي هو القراءة على الشيخ، فيقول: نعم- في مرتبة واحدة، وأنَّ الإجازة المجردة عن المناولة مرتبة ثانية دونها. وهذا هو المشهور عند المالكية، وعليه درج