للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال مقيِّده -عفا اللَّه عنه-:

قدَّم مالك وغيره من العلماء الخبر على نوع القياس المسمى عند الشافعي بالقياس في معنى الأصل، وهو المعروف بتنقيح المناط، وهو مفهوم الموافقة، في صورة لا يكاد العقل السليم يستسيغ فيها تقديم الخبر على القياس المذكور، وقد بينَّا في كتابنا "أضواء البيان" في سورة بني إسرائيل أن ذلك لا يمكن فيما يظهر لنا، كما أنكره ربيعة بن أبي عبد الرحمن.

وذلك هو ما رواه مالك في "الموطأ" والبيهقي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنَّه قال لسعيد بن المسيب: كم في أصبع المرأة؟ قال: عشر من الإبل. قلتُ. فكم في أصبعين؟ قال: عشرون من الإبل. قلتُ: فكم في ثلاثة أصابع؟ قال: ثلاثون من الإبل. قلتُ: فكم في أربعة أصابع؟ قال: عشرون من الإبل. قلتُ: حين عَظُمَ جرحُها واشتدت مصيبتُها نقص عَقْلُها، قال سعيد: أعراقي أنت؟ ! قلتُ: بل عالم متثبِّتٌ أو جاهل متعلم. قال: هي السنَّة يا ابن أخي.

فكونُ عقل ثلاثة أصابع من أصابع المرأة ثلاثين من الإبل، وعقل أربعة أصابع من أصابعها عشرين من الإبل، ينافي ما علم من حكمة الشرع الكريم، ووضعه الأمور في مواضعها، وإيقاعها في مواقعها، كما بيناه في كتابنا المذكور، وتكلمنا على سند الحديث المقتضي لذلك، وعلى المراد بالسنَّة في قول سعيد بن المسيب: هي السنة يا ابن أخي.

وبالجملة؛ فلزوم ثلاثين من الإبل في ثلاثة أصابع يقتضي بقياس

<<  <   >  >>