للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فحجةُ الأول: أنَّ اختلافهم إلى القولين في قوة الإجماعِ على بطلان ما سواهما.

وحجة الثاني: أنَّهم خاضوا في المسألة خوض مجتهدين، ولم يحرِّمُوا ولم يصرِّحوا بتحريم قول ثالث. وأنَّ الصحابة لو علَّلوا بعلة، أو استدلُوا بدليل، فلمن بعدهم التعليلُ والاستدلال بغير ذلك؛ لأنَّهم لم يصرِّحُوا ببطلان ذلك. وأنَّهم لو اختلفُوا في مسألتين، فذهب بعضهم إلى الجواز فيهما وذهب الآخرون إلى المنع فيهما، فذهب التابعيُّ إلى التجويز في إحداهما والمنع في الأخرى كان له ذلك.

مثال إحداث الثالث المخالف: ما حكاهُ ابنُ حزم من أنَّ الأخ يحجب الجدَّ؛ لأن الصحابة اختلفوا في ذلك إلى قولين، فمن قائل إنَّ الجدِّ أب يحجبُ الأخَ، ومن قائل: يرثان معًا؛ فكان إجماعًا على أنَّ للجدِّ نصيب؛ فالقولُ بحجب الأخ له خرقٌ لإجماعهم بإحداث هذا الثالث.

قال مقيِّده -عفا اللَّه عنه-:

حاصلُ تحرير هذه المسألة عند الأصوليين أنهم اختلفوا في إحداث القول الثالث، فقال بعضهم: لا يكون إلَّا خارقًا للإجماع، فهو ممنوع مطلقًا، ومثاله ما ذكرناه عن ابن حزم.

وقال بعضهم: هو قد يكون خارقًا فيمتنع، وغير خارق فيجوز.

مثال الخارق: الجد والإخوة، وقد تقدم.

ومثالُ غير الخارق: ما لو فرضنا أنَّه تقدَّم القولان في متروك

<<  <   >  >>