للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سجد شغل الفراغ الذي هو كائن فيه في سجوده، وهكذا، وشَغْلُ الفراغ المملوك لغيره تعدِّيًا غصبٌ، فلا يمكن أنْ يكون قربة؛ لامتناع كون الواحد بالعين واجبًا حرامًا، قربةً معصيةً، لاستحالة اجتماع الضدَّين في شيءٍ واحدٍ من جهةٍ واحدة؛ فيلزم بطلان الصلاة المذكورة.

ومنع هذا القائلون بصحة الصلاة في الأرض المغصوبة، وهم الجمهور، قالوا: الصلاة في الأرض المغصوبة فعلٌ له جهتان، والواحد بالشخص يكون له جهتان هو طاعةٌ من إحداهما ومعصيةٌ من إحداهما، فالصلاة في الأرض المغصوبة من حيث هي صلاةٌ قربةٌ، ومن حيث هي غصبٌ معصيةٌ، فله صلاته وعليه غصبه.

فيقول من قال ببطلانها: الصلاة في المكان المغصوب ليست من أمرنا، فهي ردٌّ، للحديث الصحيح: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد".

فيقول خصمُه: الصلاةُ في نفسها من أمرنا، فليست بردٍّ، وإنَّما الغصبُ هو الذي ليس من أمرنا فهو ردٌّ.

واعلم أن حاصل أقوال العلماء في الصلاة في المكان المغصوب أربعة مذاهب:

الأول: أنها باطلة يجب قضاؤها، وهو أصح الروايتين عن الإمام أحمد -رحمه اللَّه-.

الثاني: أنها باطلة ولا يجب قضاؤها؛ لأنَّ النهي يقتضي البطلان؛

<<  <   >  >>