للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لوقع، {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} [الأنعام/ ١٠٧]، {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة/ ١٣]، {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [الأنعام/ ٣٥].

فإن قيل: ما الحكمة في أمره بشيء وهو يعلمُ أنه لا يريدُ وقوعه كونًا وقدرًا؟

فالجواب: أنَّ الحكمة في ذلك ابتلاءُ الخلق، وتمييز المطيع من غير المطيع، وقد صرح تعالى بهذه الحكمة، فإنَّه تعالى أمر إبراهيم بذبح ولده مع أنَّه لم يُرِدْ وقوع ذبحه بالفعل كونًا وقدرًا، وقد صرَّح بأنَّ الحكمة في ذلك ابتلاء إبراهيم حيث قال: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (١٠٦)} [الصافات/ ١٠٦].

فظهر بطلان قول المعتزلة أنه لا يكون أمرًا إلا بإرادة وقوعه.

وقد جرَّهم ضلالهم هذا إلى قولهم: إنَّ معصية العاصي ليست بمشيئة اللَّه؛ لأنه أمرَ بتركها، ولم يُرِدْ إلا التزام الذي أَمَر به؛ لأن الأمر لا يكونُ أمرًا إلا بالإرادة.

فنسبوا إليه تعالى العجز، واستقلال الحادث بالفعل دونه، سبحانه وتعالى عن ذلك علوًّا كبيرا.

وقد يُشاهَدُ السيدُ يأمرُ عبده اختبارًا لطاعته، ونيَّتُه أنه إنْ أظهر الطاعة أعفاهُ من فعلِ المأمور به، فهو أمرٌ دون إرادة وقوع المأمور به لا لبس فيه كما ذكره المؤلفُ -رحمه اللَّه-.

<<  <   >  >>