للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليس مِنْه فهو ردٌّ"، والمنهيُّ عنه ليس من أمرنا، فهو مردود بهذا النصِّ المتفق عليه.

وأشار في "المراقي" إلى اقتضائه الفساد على الصحيح بقوله:

وجاء في الصحيح للفسادِ ... إنْ لم يَجى الدليل للسداد

وأشار إلى قول أبي حنيفة باقتضائه الصحة بقوله:

وبث للصحةِ بالمدارس ... معللًا بالنهي حبر فارس

وحجة أبي حنيفة أنَّ النَّهي عن الفعل يدلُّ على تصور المنهيِّ عنه؛ إذْ لو كان ممتنعًا في نفسه لا يقعُ لم يَتَوجَّهْ إليه النَّهي، كما لا يتوجه النَّهي عن الإبصار إلى الأعمى. ولا يخفى ما فيه.

قال مقيِّده -عفا اللَّه عنه-:

في اقتضاء النَّهي الفسادَ أقوالٌ كثيرةٌ عند أهل الأصول، ومدارُ تلك الأقوال على أن النهيَ إنْ كانت له جهة واحدةٌ كالشرك والزنا اقتضى الفسادَ بلا خلافٍ، وإن كان له جهتان هو من إحداهما مأمور به ومن الأخرى منهيٌّ عنه، فهم متفقون على أن جهة الأمرِ إن انفكتْ عن جهة النَّهي لم يقتض الفسادَ، وإن لم تنفك عنها اقتضاه، ولكنهم يختلفون في انفكاك الجهة، ومِنْ ثَمَّ يقع بينهم الخلاف.

فالحنبليُّ يقول: الصَّلاة بالحرير مأمورٌ بها من جهة كونها صلاة، منهيٌّ عن لبس الحرير فيها، والصلاة في الأرض المغصوبة لا تنفك فيها الجهة، لأنَّ نفس شغلِ أرض الغيرِ بحركات الصَّلاة حرامٌ، فهي

<<  <   >  >>