للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيرجحُ حديثُ ميمونة بأنَّها صاحبةُ القصة، فهي أدرى بها، وحديثُ أبي رافعٍ بأنَّه هو السفير بينهما، والمباشرُ أعلم بالقصة من غيره.

الثالثة: تعارضُ عامَّين مطلقًا أو مِنْ وجهٍ، فإنْ أمكن الجمعُ جُمِعَ وإلَّا وجبَ الترجيحُ.

مثالُ ما أمكن فيه الجمع: أحاديثُ ذمِّ مَنْ يشهدُ قبلَ أنْ يُستشهد، مع أحاديث مدحه. فيجمعُ بحمل ذمِّه على أنْ يكون عالمًا بأنَّ صاحبَ الحقِّ عالمٌ بأنَّه يعرفُ حقَّه، ويحملُ مدحُه على كونه لم يعلم بأنَّه شاهدٌ له على حقِّه.

ومثالُ ما يجب فيه الترجيح: حديثُ وجوبِ الوضوء مِنْ مسِّ الذكر، وحديث عدم وجوبه. فيرجحُ حديثُ الوجوبِ بأنَّه أحوطُ في الخروج من العهدة.

ومثال الترجيع في الأعمَّين مِن وجهٍ: ترجيحُ عموم {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء/ ٢٣] على عموم {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون/ ٦، المعارج/ ٣٠] بأنَّه أحوطُ -أيضًا-، وبأنَّه نصٌّ مقصودٌ لتحريم النساء وتحليلهنَّ، بخلاف: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} فإنَّه في معرض مدحِ المتقين.

وحاصلُ تحريره أنَّ المتعارضَيْنِ يجبُ الجمعُ بينهما إنْ أمكن، فإنْ لم يمكنْ رُجِّحَ أحدُهما، فإن لم يرجحْ فالأخيرُ ناسخٌ، فإن لم يُعلم الأخيرُ طُلِبَ الدليلُ من غيرهما.

<<  <   >  >>