الثاني: أنَّ دلالة الموافقةِ لفظيةٌ، لكن لا في محلِّ النطق، لأنَّ ما دلَّ عليه اللفظُ في محلِّ النطقِ هو المنطوقُ، وما دلَّ عليه لا في محلِّ النطقِ هو المفهومُ، وكلاهما من دلالة اللفظ.
الثالثُ: أنَّها دلالةٌ لفظيةٌ مجازيةٌ -عند القائلين بالمجاز-، وهو عندهم من المجاز المرسل، ومن علاقاتِ المجاز المرسل الجزئيةُ والكلية.
قالوا: ففي مفهوم الموافقةِ يطلقُ الجزءُ ويُراد الكلُّ، وبعبارةٍ أخرى يُطلقُ الأخصُّ ويُرادُ الأعمُّ، فقد أطلقَ التأفيفَ في الآية وأريدَ به عمومُ الأذى، مجازًا مرسلًا كما زعموا.
قالوا: وكذلك أطلق النهي عن أكل مال اليتيم، وأريد الإتلاف، فيدخلُ الإحراقُ والإغراقُ وغيرهما من أنواع الإتلاف، مجازًا مرسلًا كما زعموا -أيضًا-.
الرابع: أنَّها لفظيةٌ؛ لأنَّ العرفَ اللغويَّ نقل اللفظ من وضعه لمعناهُ الخاصِّ إلى ثبوته فيه، وفي المسكوتِ عنه -أيضًا-.
قالوا: فعرفُ اللغةِ نقلَ التأفيفَ من معناه الخاصِّ إلى عمومِ الأذى، ونقل أكل مال اليتيمِ من معناهُ الخاصِّ إلى عمومِ الإتلاف.
وعلى هذا تكونُ دلالتُه لفظيةً، من قبيلِ الحقيقةِ العرفية.
وأكثرُ الأصوليين على أنَّ اللفظَ دلَّ عليه لا في محلِّ النطق.
الضربُ الثاني: هو الإلحاقُ بالعلةِ الجامعة، كإلحاقِ الذُّرة بالبُرِّ