للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذهب كثيرٌ من الشافعيةِ إلى أنَّه حجَّةٌ بشرطِ مقارنةِ الحكمِ والوصفِ في جميعِ الصورِ غير صورة النزاعِ، إلحاقًا للنادرِ بالأغلب.

وقيل: تكفي المقارنةُ في صورة واحدة. ولا يخفى بُعْدُه.

وذهب الكرخيُّ من الحنفيةِ إلى أنَّه مقبولٌ جدلًا لا فتيا وعملًا. وهو بعيدٌ أيضًا.

فإذا عرفتَ ذلك، فاعلمْ أنَّ معنى الطردِ هو ما قدَّمنا من أنَّه الملازمةُ في الثبوت، أي كلما ثبت الوصفُ ثبتَ معه الحكم.

والمرادُ بالطردِ هنا الملازمةُ في الثبوتِ فقط، أي وعدمُ الملازمةِ في الانتفاء، فقولُ المؤلفِ: (فأمَّا الدلالةُ على صحةِ العلةِ باطرادها ففاسدٌ) يعني به دورانَ الحكمِ معها وجودًا فقط لا عدمًا.

وخلاصةُ ما ذكر فيه المؤلفُ أنَّه لا يدلُّ على العلية، إذْ لا معنى له إلا سلامتها من مفسدٍ واحدٍ هو النقضُ، والنقضُ هو وجودُ الحكم دونَ الوصفِ -كما سنوضحُه إنْ شاء اللَّه تعالى في مبحثِ القوادح-، وانتفاءُ المفاسدِ ليس بدليلِ على الصحة، بل لو سلم من كل مفسدٍ لم يكن دليلًا على الصحة، كما لو سلمتْ شهادةُ المجهولِ من جارح لم تكنْ حجةَ ما لم تقمْ بينة معدلةٌ مزكية، فكذلك لا يكفي في الصحةِ انتفاءُ المفسدِ، بل لابدَّ من دليلٍ على الصحة.

فلو قيل: دليلُ صحتها انتفاءُ المفسدِ، لقال الخصمُ: دليلُ فسادها انتفاءُ المصحح.

<<  <   >  >>