فالنبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جعل الغضبَ سببًا لمنع الحكم من القضاء، فيقاسُ على الغضب الجوعُ والحزنُ -مثلًا-، فتُجعل أسبابًا لمنع القضاء أيضًا.
واعلمْ أنَّ أكثر الأصوليين على منع القياسِ في الأسبابِ والشروطِ والموانع، وجعلوا المثالَ الذي ذكرناهُ ونحوَه من تنقيحِ المناطِ وهو مفهومُ الموافقة، والأكثرون على أنَّه ليس قياسًا كما تقدم، خلافًا للشافعيِّ وطائفة.
وعللوا بأنَّ القياسَ في الأسباب يُفضي إلى ما لا ينبغي، فلا يحسنُ قياسُ طلوع الشمسِ على غروبها في كونه سببًا لوجوب الصلاةِ -مثلًا-.
وعللوا منعه في الأسباب -أيضًا- بكونه يخرجها عن أنْ تكونَ أسبابًا؛ لاستلزامِ القياسِ نفي السببيةِ عن خصوصِ الأصل المقيسِ عليه، فيكونُ السببُ أحد الأمرين، لأنَّ ما له سببانِ يحصلُ لكلِّ واحدٍ منهما، فيصيرُ السببُ المقيسُ عليه بالقياسِ غير سببٍ مستقلٍّ، وهكذا في المانعِ والشرط.