للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني من أجوبةِ النقض: منعُ تخلفِ الحكمِ عن العلةِ بأنْ يقول: الحكمُ موجودٌ لوجود علته.

ومثالُه: ما لو ذبح الوالدُ ولده أو شقَّ بطنه، أو قطع رأسه، أو نحو ذلك مما لا يحتملُ التأديبَ بحالٍ، وإنَّما هو صريحٌ في قصدِ قتله عمدًا عدوانًا، فإنَّ المالكيةَ يقولون بوجوب القصاصِ من الأبِ في هذه الصورة.

فلو قال غيرهم في الصورةِ المذكورةِ: قتلُ عمدٍ عدوانٍ، وهذه هي علةُ القصاصِ، وقد تخلف عنها الحكمُ الذي هو القصاصُ، وذلك نقضٌ للعلة.

فإنَّهم يجيبون -أي المالكيةُ- عن هذا النقضِ بمنع تخلف الحكمِ، بل يقولون: الحكمُ غيرُ متخلفٍ -هنا-، والقصاصُ واجبٌ من الأَبِ في هذه الصورة، وقولكم: الوالدُ سببٌ في وجود الولدِ فلا يصحُّ أنْ يكون الولدُ سببًا في إعدامه، منتقضٌ بما لو زنى الأبُ بابنته، فإنَّه يرجمُ اتفاقًا، فقد كان سببًا في وجودها، وكانت سببًا في إعدامه، وجنايةُ الزنا ليست أعظمَ مِنْ جنايةِ القتل.

وشرطُ صحة الجواب بهذا أنْ لا يكونَ انتفاء الحكم في صورةِ النقضِ مذهب المستدلِّ، فالذي يرى عدم القصاصِ من الأبِ في الصورةِ المذكورةِ لا يمكنه أنْ يجيبَ عن النقضِ المذكور بوجودِ الحكمِ الذي هو القصاصُ؛ لأنَّه يرى عدمَ وجوبه.

الثالث مِنْ أجوبةِ النقض: بيانُ وجود مانعٍ مِن تأثيرِ العلةِ في

<<  <   >  >>