للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكأن يختلف في وقف أحد الخبرين على الراوي، والآخر يتفق على رفعه.

وكأن يكون راوي أحدهما قد نُقِلَ عنه خلافُه، فتتعارض روايتاه، ويبقى الآخر سليمًا عن التعارضِ، فيكون أولى.

وكأن يكون أحدهما مرسلًا، والآخر متصلًا، فالمتصلُ أولى؛ لأنَّه متفقٌ على الاحتجاجِ به، وذلك مختلفٌ فيه.

هذا حاصل ما ذكره المؤلف، وللأصوليين باعتبار حال المتن مرجحاتٌ كثيرةٌ غير ما ذكرها المؤلف:

منها: كثرةُ الأدلة، فالخبر الذي اعتضد بأدلة كثيرة مقدمٌ على ما اعتضد بأقل من ذلك من الأدلة.

ومنها: أن يكون المتنُ قولًا فهو مقدمٌ على الفعل، كما أنَّ الفعل مقدَّمٌ على التقرير. وإنَّما كان القولُ أقوى من الفعل لاحتمال الفعل الاختصاص به -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ويُفْهَمُ منه أن ليس كلُّ قول أقوى، بل إذا احتمل القول الاختصاص فلا يكون أقوى من الفعل، فلا يَرِدُ قولهم: إنَّ الإحرام بالعمرة من الجعرانة أفضل منه من التنعيم، تقديمًا لفعله -صلى اللَّه عليه وسلم- على أمره لعائشة بالإحرام من التنعيم؛ لأنَّ أمره وإن كان قولًا يحتمل الخصوصية لعائشة، فليس أقوى من فعله، بل هو دونه كما قالوا؛ لاحتمال أنَّه إنَّما أمرها بذلك لضيق الوقت، لا لأنَّه أفضل، ويمكنُ على هذا أن يقاس على عائشة كلُّ من كان له عذرٌ.

<<  <   >  >>