للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بضعةٌ منكَ؟ " علةٌ في عدم نقض الوضوء بذلك؛ إذ لا ينقض الوضوء بمسِّ عضوٍ لعضوٍ من إنسانٍ واحدٍ.

وحديث "مَنْ مسَّ ذكرَه فليتوضأ" يدلُّ بمسلك الإيماء والتنبيه على أنَّ علة الوضوء فيه مسُّ الذكر؛ فهذه العلة ناقلة عن الأصل، والعلة المقتضية البقاء على الأصل في عدم وجوب الوضوء التي هي "وهل هو إلا بضعة منك؟ " موافقة للبراءة الأصلية، فتقدَّم عليها الناقلة عن الأصل، فيجب الوضوء من مسِّ الذكر.

وهذان الحديثان صالحان لمثالِ الحكم الناقلِ عن الأصل، والعلة الناقلة عن الأصل، معًا، ولذا مثَّلنا لهما بهما.

ثم ذكر المؤلفُ (١) -رحمه اللَّه- أنَّه إذا تعارضت علتان إحداهما حاظرةٌ والأخرى مبيحةٌ، أو علتان إحداهما مسقطةٌ للحدِّ والأخرى موجبةٌ له، أو علتان إحداهما موجبةٌ للعتق والأخرى نافيةٌ له، فقد اختلف أهل العلم في ترجيح الحاظرة، والمسقطة للحدِّ، والموجبة للعتق، على مقابلاتها.

فرجَّح بذلك قومٌ، احتياطًا للحظر، ونفي الحدِّ، ولأنَّ الخطأ في نفي هذه الأحكامِ أسهلُ من الخطإ في إثباتها.

ومنع آخرون الترجيح بذلك، مِنْ حيث إنَّهما حكمان شرعيان فيستويان، ولأنَّ سائرَ العلل لا ترجحُ بأحكامها، فكذا هنا.


(١) (٣/ ١٠٤٠).

<<  <   >  >>