وبالنفي مختلفٌ فيه، وليس ذلك على إطلاقه؛ لأنَّ تعليل النفي بالنفي لا خلاف فيه، إنَّما الخلاف في تعليل الإثبات بالنفي -كما تقدَّم-، ولا يبعد ترجيح تعليل الإثبات على النفي مطلقًا من حيث إنَّ الموجود أولى من المعدوم في الجملة، واللَّه تعالى أعلم.
ثم ذكر عن أبي الخطاب أنَّه رجَّح العلة المردودة إلى أصل قاس الشارع عليه، كقياس الحجّ على الدَّين في أنَّه لا يسقطُ بالموت، فهو أولى من قياسهم له على الصلاة، لتشبيه النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- له بالدَّين.
وإيضاحُه: أنَّ الإنسان إذا مات ولم يحجَّ حجة الإسلام، وقد ترك مالًا، فقد قال بعض أهل العلم: يجب أن يُحَجَّ عنه من ماله؛ لأنَّ الحجَّ دينٌ في ذمته، فيجب قضاؤه عنه بعد الموت كسائر ديونه.
فقاسوا الحجَّ على دين الآدمي بجامع أنَّه مطالب بالجميع، ويسقط عنه بالأداء في الجميع، وينتفعُ بالقضاء في الجميع.
وقال بعض أهل العلم: لا يلزم الحجُّ عنه من ماله إن لم يوص به؛ لأنَّ الحجَّ عبادٌ بدنيةٌ، فتسقطٌ المطالبة بها بالموت قياسًا على الصلاة.
فيرجَّح القياس الأول بأنَّه وردت أحاديث متعددة بأن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل عن الحجِّ عن الميت؟ فشبَّهه بالدَّينِ، وقال:"أرأيت لو كان على أمِّكَ دينٌ فقضيته عنها، أكان ينفعُها؟ " قالت: نعم. قال:"فدينُ اللَّه أحقُّ بالقضاء".
والحاصلُ أنَّ القياس الأول يترجَّح بأنَّ علته جَمَعَ بها النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بين ذلك الأصل والفرع، فصارت مردودةً إلى أصلٍ قاس الشارع عليه كما