فالصحة عندهم في العبادات: هي الإجزاء وإسقاط القضاء، فكلُّ عبادة فُعلت على وجهٍ يجزئ ويسقط القضاء فهي صحيحة.
والصحةُ عندهم في المعاملات: هي ترتبُ الأثر المقصود من العقد على العقد، فكلُّ نكاح أباح التلذذ بالمنكوحة فهو صحيحٌ، وكلُّ بيع أباح التصرف في المبيع فهو صحيح. وهكذا.
وأمَّا عند المتكلمين فضابطُ الصحة مطلقًا في العبادات وغيرها هي موافقةُ ذي الوجهين الشرعي منهما.
وإيضاحه: أنَّ كلَّ فعل -عبادة كان أو معاملة- لا يخلو من أحد أمرين: إمَّا أن يكون موافقًا للوجه الشرعي، أو مخالفًا له، فإنْ وقع موافقًا له فهو الصحيح.
والقائلون بهذا القول منهم من قال: إنَّ الموافقة للوجه الشرعي لابدَّ أن تكون واقعة في نفس الأمر، ولا يكفي فيها ظنُّ المكلف الموافقة، إنْ كانت غير حاصلة في نفس الأمر.
ومنهم من قال: تكفي الموافقة في اعتقاد المكلَّف وإن لم تحصلْ في نفس الأمر، كمن صلى يظنُّ أنَّه متطهر وهو محدث، فالموافقة للوجه الشرعي حاصلة في ظنِّه لا في نفس الأمر، فمن قال: يكفي في ذلك اعتقاده، قال: صلاتُه صحيحة، وهو قولُ بعض المتكلمين، وبعضهم يقول: هي صحيحة، ولكن يجب قضاؤها، وبعضهم يقول: هي صحيحة لا يجب قضاؤها، وعامةُ الفقهاء على أنها باطلةٌ؛ لاختلال شرط الصحة وهو الطهارة.